كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ) أَيْ الشَّامِلُ لِلْوَهْمِ وَالظَّنِّ وَلَوْ مَعَ الْغَلَبَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ الشَّكِّ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَمِنْ الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَشَكَّ هَلْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ أَوْ لَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ فَيَتَدَارَكُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِرَكْعَةٍ مَعَ احْتِمَالِهَا الزِّيَادَةَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يَغْفُلُ عَنْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهَا شَيْخُنَا.
(وَلَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَتَى بِرَكْعَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهَا وَلَا يَرْجِعُ لِظَنِّهِ وَلَا لِقَوْلِ غَيْرِهِ أَوْ فِعْلِهِ، وَإِنْ كَثُرَ وَإِمَّا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهُ فَعَلَهَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ هَذَا الْعِلْمِ تَلَاعُبٌ وَمَنْ نَازَعَ فِيهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ وُجِدَتْ صُورَةُ تَوَاتُرٍ لَا غَايَتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِنِزَاعِهِ وَجْهٌ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ رَدُّ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا صَلَاتَهُ لِلْأَرْبَعِ لِجَبْرِهِمَا خَلَلَ الزِّيَادَةِ كَالنَّقْصِ لَا أَنَّهُنَّ صَيَّرْنَهَا سِتًّا وَخَبَرُ ذِي الْيَدَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَبَرِ غَيْرِهِ بَلْ لِعِلْمِهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الرُّجُوعَ إلَيْهِ وَأَشَارَ الْخَبَرُ إلَى أَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ هُنَا التَّرَدُّدُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَاقِعَةً فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَوُجُودُ التَّرَدُّدِ يُضْعِفُ النِّيَّةَ وَيُحْوِجُ لِلْجَبْرِ وَمِنْ ثَمَّ سَجَدَ، وَإِنْ زَالَ تَرَدُّدُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ كَمَا قَالَ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (وَكَذَا حُكْمُ) كُلِّ (مَا يُصَلِّيهِ مُتَرَدِّدًا وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ زَائِدًا) فَيَسْجُدُ لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَتِهِ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ لَكِنْ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ آخِرًا أَنَّهُ لَيْسَ الْفِعْلُ كَالْقَوْلِ فَلَا يَرْجِعُ لِفِعْلِهِمْ وَإِنْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) أَيْ تَرَدَّدَ فِي رُبَاعِيَّةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا ع ش.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ آخِرًا أَنَّهُ لَيْسَ الْفِعْلُ كَالْقَوْلِ فَلَا يَرْجِعُ لِفِعْلِهِمْ وَإِنْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ سم وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ عِبَارَتُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ أَيْ عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ قَوْلِ الْغَيْرِ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَّوْا إلَى هَذَا الْحَدِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ. اهـ.
وَفِي نُسَخِ النِّهَايَةِ اخْتِلَافُ عِبَارَتِهِ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ اسْتِثْنَائِهِ التَّوَاتُرَ الْقَوْلِيَّ نَصُّهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَّوْا إلَى هَذَا الْحَدِّ فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ. اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ لَفْظُ يُحْتَمَلُ أَنْ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ خِلَافِ إفْتَاءِ وَالِدِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجَمْعُ بَيْنَ يُحْتَمَلُ وَفِيمَا يَظْهَرُ وَفِيهِ تَدَافُعٌ. اهـ. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ م ر وَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ لَا يُنَافِي اعْتِمَادَهُ لِتَقْدِيمِهِ وَاسْتِظْهَارِهِ لَهُ. اهـ. وَقَالَ الْبَصْرِيُّ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِحَمْلِ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّوَاتُرِ الْفِعْلِيِّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي مَفْعُولِهِمْ هَلْ هُوَ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ فَإِنَّ هَذَا التَّرَدُّدَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ خَيَالٌ بَاطِلٌ يَبْعُدُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَلَى مَا إذَا تَرَدَّدَ فِي مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي جَمِيعِ مَا فَعَلُوهُ وَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ فِي بَعْضِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ هَذَا الْعِلْمِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنْ بَلَغُوا عَدَدَهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهُ فَعَلَهَا رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ لِحُصُولِ الْيَقِينِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا غَايَتُهُ) وَهِيَ حُصُولُ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلسَّهْوِ) إلَى قَوْلِهِ مِمَّا فِي رِوَايَةٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ شَفَعْنَ لَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحِكْمَةُ فِي جَمْعِ ضَمِيرِ شَفَعْنَ وَتَثْنِيَةِ ضَمِيرِ كَانَتَا وَلَعَلَّهَا أَنَّ الْإِرْغَامَ فِي السَّجْدَتَيْنِ أَظْهَرُ فَلِذَا خُصَّ بِهَا بِهِمَا بِخِلَافِ الْجَبْرِ فَسَاوَاهُمَا فِيهِ الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْجَمْعُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِلرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ تَرْغِيمًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي رَغْمًا. اهـ. وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُتَعَدِّدَةٌ.
(قَوْلُهُ وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ السَّجْدَتَانِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ جَمْعٌ ع ش وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِجَبْرِهِمَا) الْأَنْسَبُ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ جَمْعُ الضَّمِيرِ.
(قَوْلُهُ وَخَبَرُ ذِي الْيَدَيْنِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ وَلَا لِقَوْلِ غَيْرِهِ إلَخْ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ هُنَاكَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ بَلْ لِعِلْمِهِ) أَيْ لِتَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُجِيبَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ وَسَيِّدُنَا عُمَرُ وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَرْبَعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا سَكَتَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ نُسِبَ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ.
(وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ زَوَالُهُ بِيَقِينِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ فَمَا وَجْهُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِلْخِلَافِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ بَلْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحٍ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ سَجَدَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ تَذَكَّرَ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَذَكَّرَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالُوهُ فِي الْمُغْنِي.
(وَلَا يَسْجُدُ لِمَا يَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ إذَا زَالَ شَكُّهُ مِثَالُهُ شَكَّ) مُصَلِّي رُبَاعِيَّةٍ (فِي الثَّالِثَةِ) مِنْهَا بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ جَاهِلٌ بِالثَّالِثَةِ (أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ الْقِيَامِ لِلرَّابِعَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ (لَمْ يَسْجُدْ) إذْ مَا أَتَى بِهِ مَعَ الشَّكِّ وَاجِبٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ (أَوْ) تَذَكَّرَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِيَامِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَإِنْ صَارَ إلَيْهِ أَقْرَبَ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ مُخَالِفِينَ لِلْإِسْنَوِيِّ فِي اعْتِمَادِهِ هَذَا التَّفْصِيلَ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَ صَيْرُورَتِهِ إلَيْهِ لَيْسَ مُبْطِلًا وَحْدَهُ بَلْ مَعَ عَوْدِهِ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الْهَوِيَّ الْمُخْرِجَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ وَالنُّهُوضَ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مُبْطِلٌ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لَا لِكَوْنِهِ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِهَا فَإِنَّ شَرْطَهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى صُورَةِ الرُّكْنِ بَلْ لِإِبْطَالِهَا الرَّكْنَ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحُوا فِي الْفَعْلَةِ الْفَاحِشَةِ بِأَنَّهَا إنَّمَا أَبْطَلَتْ مَعَ قِلَّتِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الِانْحِنَاءِ الْمُخْرِجِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ.
وَمَرَّ آنِفًا عَنْ الْمَجْمُوعِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ زَادَ هَذَا النُّهُوضَ عَمْدًا لَا لِمَعْنًى فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِذَلِكَ لِإِخْلَالِهِ بِنَظْمِهَا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَعَمُّدَ نُهُوضٍ عَنْ جُلُوسٍ فِي مَحَلِّهِ مُخْرِجٌ عَنْ حَدِّهِ مُبْطِلٌ فَيَنْبَغِي السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ مِنْ الْقِيَامِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَبِفَرْضِ التَّنَزُّلِ وَعَدَمِ الْقَوْلِ بِهَذَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ السُّجُودِ إذَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ فِيمَا مَرَّ مِنْ النُّهُوضِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيهِ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ نُهُوضَهُ جَائِزٌ وَهُنَا لَا يُتَصَوَّرُ جَوَازُ تَعَمُّدِ نُهُوضِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ تَفْصِيلَ الْإِسْنَوِيِّ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَاهِيًا فَنَوَى الْمَأْمُومُ مُفَارَقَتَهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ فِي ارْتِفَاعِهِ حَدَّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ الْمَأْمُومُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ نَوَاهَا قَبْلَهُ فَلَا سُجُودَ فَإِنْ قُلْتَ هَذَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَرَّرَ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُجَاوَزَةِ اسْمِ الْقُعُودِ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى الْقُرْبِ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَالْمُرَادِفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْقُرْبِ مِنْ الْقِيَامِ فَمَا الْجَمْعُ؟ قُلْتُ لَا جَمْعَ بَلْ هُوَ تَخَالُفٌ حَقِيقِيٌّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّهُمْ سَامَحُوا فِي حَالِ السَّهْوِ فَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ النُّهُوضَ مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ نَظِيرُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ مَعَ عَدَمِ الْفُحْشِ فِيهِ لَا فِي حَالِ الْعَمْدِ لِفُحْشِهِ (فِي الرَّابِعَةِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْمَأْتِيِّ بِهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ (سَجَدَ) لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي زِيَادَتِهَا الْمُحْتَمَلَةِ فَقَدْ أَتَى بِزَائِدٍ بِتَقْدِيرٍ فَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ فَوْرًا وَيَتَشَهَّدُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ أَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الْآخَرُ فَإِنْ زَالَ شَكُّهُ فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلَا نَظَرَ إلَى تَرَدُّدِهِ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ زَائِدٌ بِتَقْدِيرٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي اعْتِمَادِهِ هَذَا التَّفْصِيلَ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْقِيَامِ) أَيْ: حَيْثُ خَرَجَ عَنْ مُسَمَّى الْقُعُودِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْخُرُوجِ عَنْ مُسَمَّى الْقُعُودِ لَا أَثَرَ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ سُؤَالَ الشَّارِحِ وَجَوَابَهُ الْآتِيَيْنِ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ الرَّوْضَةِ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَامَ أَيْ الْإِمَامُ لِخَامِسَةٍ أَيْ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ لَا قَبْلَهُ سَجَدَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ قَامَ) لَوْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ قِيَامِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ إذْ الْفَرْضُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ قَالَ شَيْخُنَا فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ مَرْدُودٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ وإنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ. اهـ. وَمَالَ النِّهَايَةُ كَالشَّارِحِ إلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ عَقَّبَ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَارَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي بِمَا نَصَّهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. وَأَقَرَّهُ سم.

(قَوْلُهُ فِي اعْتِمَادِهِ هَذَا التَّفْصِيلَ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا سم.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ تَعَمُّدَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ بَلْ مَعَ عَوْدِهِ) أَيْ وَلَا عَوْدَ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِيمَا قَالُوهُ مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ فِي التَّذَكُّرِ قَبْلَ تَمَامِ الْقِيَامِ وَإِنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ.